كان أمرأ لافتاً أن يلحظ الكاتب قلة المصادر العلمية عن العمل الشرطي، وضآلة المراجع البحثية المطروحة فيما تنتهجه المنظمات الشرطية العربية من استراتيجيات في أداء مهامها وواجباتها، وفي المقابل، غزارة الإنتاج العلمي في هذا القطاع الحيوي عند الغرب، حيث رسّخت الثورة المعرفيّة الأداء الاحترافي لهذه الأجهزة الأمنية ودعمها في صياغة ركائز الأمن وبلورة سبل الاستقرار في المجتمع وكذا الدولة.

   لأجل ذلك، عكف الكاتب على البحث في الكثير من المراجع الغربية المتخصصة ودراسة المصادر الحديثة في هذا الشأن، وخَلُصَ إلى الحاجة الملحة في إطلاق مُؤَّلَف يساهم في ردم هذه الفجوة المعرفيَّة، والمشاركة في بناء الأرضية الصلبة لهذا القطاع المُهم الذي يَمس تفاصيل حياتنا اليومية في المجتمع بأسره.

   وبذلك جاءت ولادة فكرة الكتابة عن المنظمة الشرطية الذكيّة، والعلوم المساندة لها، والخطط التي ترتكز عليها في تنفيذ مهام عملها، فبناء استراتيجيات إنفاذ القانون ورسم خطط مكافحة الجريمة، سعياً لاكتمال منظومة العدل، أمر يُعد عَصَب الإستقرار والرخاء في الدول المتقدمة التي تستند في ذلك إلى ما تملكه من موارد بشرية كفوءة، ومعرفة منهجية داعمة، وعلم حديث مُبتكر.       

   ينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أبواب رئيسة، هي على النحو التالي:

القواعـد: وفيه يبحث الكاتب في النظريات الأساسية المساندة، والأدبيات العلمية الحديثة في المجال الشرطي المعتمدة على الدراسات الاجتماعية، الجنائية، والإدارية.. إلخ، وما يتضمن هذه العلوم من حقائق واتجاهات تدعم العمل الشرطي.

الاستراتيجيات: يُظهر الكاتب في هذا الباب الأهمية الارتكازية للخطط الوقائية وأيضاً الدفاعية لمنظمات الشرطة الحديثة، شروعاً في إدارة أهدافها ومعالجة التحديات الأمنية التي تواجهها، وهو ما يسهم في التطبيق الفاعل للعمليات الشرطية بأساليب احترافية.   

الإبتكارات: يُوضِّح هذا الباب دور الأدوات المعرفية والإدارية وقوة تأثير نُظمها وتطبيقاتها في مهام عمل المنظمات الشرطية. كذلك يُبرز أهمية إجراءات الشرطة المترابطة وسياساتها العلمية في تعزيز أداء عملها. باختصار ترسم هذه الأدوات الإطار الفاعل للكفاءات الإدارية التي تطور معارف المنظمة الشرطية وتنوع مصادر تميّزها.